يعتبر الشيخ خالد الحاج، أحد النماذج الصارخة لاستهداف القيادات السياسية لحركة حماس، الذي ما أن يخرج أحدهم من السجن حتى يدخله مرة أخرى تحت ذريعة واهية تتذرع بها سلطات الاحتلال دائما، وهي " الملف السري".
وباعتقاله الأخير في 7-5-2011 خلال كمين نصب له جنوب مدينة جنين، يكون الشيخ الحاج قد جاوز العشر سنوات من عمره رهن الاعتقال الإداري وتهمته الوحيدة أنه قيادي يجمع ولا يفرق، ورجل وحدوي مسموع الكلمة عند كل الفصائل، إضافة لدوره البارز في ملف المصالحة وتثبيتها على الأرض.
دعوة ورباط
ولد الشيخ خالد الحاج عام 1965 من قرية (فرونة) قضاء بيسان لأسرة فلسطينية مجاهدة، مكونة من 12 فردًا، سبعة إخوة وثلاث أخوات، حيث لجأ ذووه إلى بلدة جلقموس قضاء جنين، وكثيرًا ما اجتمع عدد من أفراد هذه الأسرة في السجن مع بعضهم أو مفرقين بين السجون، فالوالد سبق أن اعتقل مرتين وهو يعمل إمام مسجد في بلدة تلفيت، والإخوة قضوا فترات متفاوتة في سجون الاحتلال.
وخلال معركة مخيم جنين في نيسان 2002، استشهد أخوه الأصغر منذر خلال تصديه مع إخوانه المقاومين للآلة العسكرية الصهيونية وهي تقتحم المدينة، كما أصيب شقيقه طارق بشظايا صاروخ أطلقته مروحية صهيونية في جنين أثناء محاولتها اغتيال أحد المطلوبين عام 2001.
ودرس الشيخ خالد الحاج الشريعة الإسلامية في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة القدس، والتي تخرج فيها عام 1989، عاد بعدها إلى جنين حاملا هموم الدعوة والإصلاح، فكان إمام مسجد في قرية رابا شرق المدينة، ومن ثم انتقل إلى بلدة قباطية ليقضي فيها سنوات عدة، قبل أن يلتحق بسلك التعليم مدرسا للتربية الإسلامية في مدرسة بلدته جلقموس، ومن ثم معلما في مدرسة عز الدين في مدينة جنين، بعد أن اضطر إلى السكن فيها تجنبًا لجحيم الملاحقات الصهيونية منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
الملف السري
وعرف الشيخ الحاج بتواضعه وعفة نفسه، وتربطه علاقات مميزة بمختلف شرائح المجتمع في المدينة بسبب وسطيته، وسعة نظره، حتى نال احترام الجميع بمن فيهم سجانوه في سجون السلطة نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
ومع انطلاقة الانتفاضة الأولى، دخل الشيخ الحاج السجون، حيث اعتقل عام 1990 إداريًّا لستة أشهر، تلاه اعتقال آخر عام 1992 ، وفي عام 1994 خضع لتحقيق قاسٍ مدة 3 أشهر قضى إثرها 3 سنوات في سجون "عسقلان" و"النقب".
ولم يكن الحال بعد مجيء السلطة الفلسطينية بأحسن حالا إذ حاول الصهاينة اعتقاله أكثر من مرة عام 1998، وبعد أن ضاق عليه الخناق انتقل إلى السكن في مدينة جنين المصنفة آنذاك ضمن ما سمي منطقة ( أ )،عله يجد بعض الراحة من عناء السجون الصهيونية، إلا أن السجون الفلسطينية كانت له بالمرصاد.
وفي منتصف عام 2000، شنت أجهزة أمن السلطة حملة اعتقالات واسعة ضد نشطاء حماس في المحافظة وكان من ضمنهم الشيخ خالد الحاج حيث أمضى 8 أشهر في سجن جنيد.
وتقول زوجته أم حذيفة: في 28/5/2002 اقتحمت عشرات الآليات العسكرية الصهيونية مدينة جنين ومخيمها في حملة دهم استهدفت اعتقاله، وقضى بعدها أربع سنوات رهن الاعتقال الإداري المتجدد ليفرج عنه في 25-12-2005.
وكذلك في 11/1/2007، تعرض الشيخ الحاج للاعتقال مرة أخرى خلال عملية عسكرية واسعة استهدفت منزله في حي البساتين في مدينة جنين، وأعادت سلطات الاحتلال مسلسل التمديد الإداري له ليفرج عنه في 15-4-2010، بعد ثلاث سنوات ونصف في الاعتقال الإداري.
وفي 21-6-2010 اعتقلته أجهزة السلطة ولكن ردة الفعل العنيفة على اعتقاله من كافة المستويات السياسية اضطرتها لإطلاق سراحه.
وفي 7-5-2011 كان اعتقاله الأخير، والذي حوله بمقتضاه ستة أشهر للاعتقال الإداري لا يعلم سوى الله متى تنتهي.
وتشير أم حذيفة والتي اعتادت أن تتدبر شؤون بناتها الثلاث من كثرة غياب زوجها، إلى أن سلطات الاحتلال تتذرع في كل الاعتقالات بتهمة واحدة، وهي أن الشيخ يشكل خطرًا على الأمن العام، وأنه قيادي بارز في جنين، دون أن تشرح ولو لمرة واحدة ما هو الخطر الذي يشكله أو تقدم دليلا ملموسًا يحول من خلاله للمحاكمة.
وتضيف: يبدو أن هناك قرارًا عند سلطات الاحتلال بألا يعيش الشيخ فترة طويلة خارج السجن، مما يجعل فرحته بكل إفراج منقوصة، وكل اعتقال مجهول تاريخ الإفراج.
وطالبت بمتابعة قضية الشيخ الحاج وكثير من الحالات المشابهة لشخصيات كل ذنبها أنها مؤثرة في مجتمعها.
