ايوس الامير

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عاجل: اضراب شامل لكل المدرس يوم الاربعاء و الخميس


    إنها صورة رهيبة , ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل , وهم يواجهون الكفرو العمى والإصر

    avatar
    ام احمد


    المساهمات : 842
    تاريخ التسجيل : 06/05/2011

    إنها صورة رهيبة , ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل , وهم يواجهون الكفرو العمى والإصر Empty إنها صورة رهيبة , ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل , وهم يواجهون الكفرو العمى والإصر

    مُساهمة  ام احمد الثلاثاء مايو 31, 2011 11:57 pm


    (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين) َ110

    إنها صورة رهيبة , ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل , وهم يواجهون الكفرو العمى والإصرار والجحود .
    وتمر الأيام وهم يدعون فلا يستجيب لهم إلا قليل ,
    وتكر الأعوام والباطل في قوته , وكثرة أهله ,
    والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة .

    إنها ساعات حرجة ,
    والباطل ينتفش ويطغى ويبطش ويغدر .
    والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحقق لهم في هذه الأرض .
    فتهجس في خواطرهم الهواجس . .
    تراهم كذبوا ؟
    ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا ؟

    وما يقف الرسول هذا الموقف إلا وقد بلغ الكرب والحرج والضيق فوق ما يطيقه بشر .
    وما قرأت هذه الآية والآية الأخرى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟ . . .)

    ما قرأت هذه الآية أو تلك إلا وشعرت بقشعريرة
    من تصور الهول الذي يبلغ بالرسول هذا المبلغ ,
    ومن تصور الهول الكامن في هذه الهواجس ,
    والكرب المزلزل الذي يرج نفس الرسول هذه الرجة ,
    وحالته النفسية في مثل هذه اللحظات , وما يحس به من ألم لا يطاق .

    في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب ,
    ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل ,
    ولاتبقى ذرة من الطاقة المدخرة . .
    في هذه اللحظة يجيء النصر كاملا حاسما فاصلا:

    (جاءهم نصرنا , فنجي من نشاء , ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين). .

    تلك سنة الله في الدعوات .
    لا بد من الشدائد ,
    ولا بد من الكروب ,
    حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة .
    ثم يجيء النصر
    بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس .
    يجيء النصر من عند الله ,
    فينجو الذين يستحقون النجاة ,
    ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين ,
    وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون .
    ويحل بأس الله بالمجرمين ,
    مدمرا ماحقا لا يقفون له ,
    ولا يصده عنهم ولي ولا نصير .

    ذلك كي لا يكون النصر رخيصا فتكون الدعوات هزلا .
    فلو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم دعي بدعوة لا تكلفه شيئا . أو تكلفه القليل .
    ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثا ولا لعبا .
    فإنما هي قواعد للحياة البشرية ومناهج ,
    ينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء .
    والأدعياء لا يحتملون تكاليف الدعوة ,
    لذلك يشفقون أن يدعوها ,
    فإذا ادعوها عجزوا عن حملها وطرحوها ,
    وتبين الحق من الباطل على محك الشدائد التي لا يصمد لها إلا الواثقون الصادقون ;
    الذين لا يتخلون عن دعوة الله ,
    ولو ظنوا أن النصر لا يجيئهم في هذه الحياة !

    إن الدعوة إلى الله ليست تجارة قصيرة الأجل ;
    إما أن تربح ربحا معينا محددا في هذه الأرض ,
    وإما أن يتخلى عنها أصحابها إلى تجارة أخرى أقرب ربحا وأيسر حصيلة !
    والذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية
    - والمجتمعات الجاهلية هي التي تدين لغير الله بالطاعة والاتباع في أي زمان أو مكان -
    يجب أن يوطن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة ,
    ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل !
    إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه طواغيت يملكون القوة والمال
    ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود !

    ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله ,
    باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات ! . .

    ويجب أن يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف ,
    وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثير التكاليف أيضا .

    وأنه من ثم لا تنضم إليها -في أول الأمر - الجماهير المستضعفة ,
    إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله ,
    التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة ,
    وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا .
    وأن عدد هذه الصفوة يكون دائما قليلا جدا .
    ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق ,
    بعد جهاد يطول أو يقصر .
    وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجا .

    انتهى من الظلال.
    رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة.سيد قطب



      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 7:13 am